
العصب الثلاثي التوائم (Trigeminal nerve CN.V) هو العصب الخامس من الأعصاب القحفية. وهو عصب مختلط (يحمل ألياف حسية وحركية). يتحكم بالعضلات الماضغة تحكما حركياً ،كما يتحكم بالوجه وجوف محجر العين والحفرة الأنفية والفم تحكما حسياً وتسلكه ألياف حركية وإفرازية. نواة العصب الثلاثي التوائم تقع في جذع الدماغوتنقسم إلى 3 أجزاء:
النواة النخاعية للعصب الثلاثي التوائم (spinal trigeminal nucleus)
النواة الرئيسية للعصب الثلاثي التوائم (main trigeminal nucleus)
نواة الدماغي المتوسطي للعصب الثلاثي التوائم (mesencephalic trigeminal nucleus)
العصب الخامس Trigeminal Neuralgiaهو احد أعصاب الدماغ الرئيسية والذي يغذي الاحساس وعضلات المضغ في الوجه، وترتيبه الخامس من بين اثني عشر عصبا دماغيا ولهذا جاءت التسمية. ويعتبر العصب الخامس من أكبر الأعصاب الموجودة في الجمجمة وينشأ في جذع الدماغ في الجزء الخلفي من الجمجمة ومن ثم يمتد الى وسط الجمجمة ويكون إلى هنا مدمجا عصبيا ثم يتفرع بعد ذلك الى ثلاثة فروع تغذي جانبي الوجه ولهذا يسمى بثلاثي الرؤوس. تعتبر آلام العصب الخامس الأسوء في شدتها ، على الاطلاق وتحدث للنساء أكثر من الرجال وعادة ما تكون فيما بين العقد الرابع والخامس من العمر ، ولا يستطيع المريض معها ممارسة أبسط أموره الطبيعية.
أسباب آلام العصب الخامس كثيرة وقد يكون السبب غير معروف ، ولكن هناك أسباب ثانوية مثل وجود أورام داخل الجمجمة أو وجود شريان أو وريد دموي يضغط مباشرة على العصب ، ومن المسببات أيضا بعض الأمراض والالتهابات العصبية. أن المريض أثناء هذه النوبة ينتفض برأسه وكأنه تعرض لصاعقة شديدة ، فالالم يشبه الصدمة الكهربائية على جانب واحد من الوجه (غالبا الأيمن) او في حالات نادرة على الجانبين. وقد تستمر النوبة لحظات او اكثر ، وقد تتكرر عدة مرات في اليوم الواحد مما يعيق المريض عن مزاولة نشاطاته اليومية ، وقد لا يستطيع الكلام او المضغ. وتأتي النوبة مفاجئة في اى وقت وبدون انذار. قد تكون الآلام عن هذا العصب ناجمة عن ضغط على الجذع الرئيسي للعصب الخامس او احد فروعه ، إما بورم (حميد او خبيث) او شريان دموي او زائدة عظمية ، او تكون نتيجة لتغيرات في تكوين العصب الخامس بسبب عدوى مثل اصابة الحلائي Post herpetic neuralgia او بدون سبب معروف Idiopathic. كل هذه المسببات تحدث بؤرا مرضية نشطة في العصب وتعطي اشارات مستمرة او متقطعة الى المخ ويستقبلها المريض كآلام تشبه الصدمات الكهربائية في الوجه. ويتم تحفيزها او اثارتها بمؤثرات خارجية مثل حلاقة الذقن ، وضع ادوات تجميل على الوجه ، وضع غطاء على الوجه ، المضغ ، الكلام ، تنظيف الاسنان ، ضغط او لمس مناطق معينة بالوجه ، التعرض لتيار هوائي او الدخول الى غرفة مكيفة. إن فترات الألم الشديد قد تجعل المرء عاجزآ عن القيام بأي شيء وقد تستمر لفترة تتراوح بين عدة ثوان إلى عدة دقائق. وقد تكون هناك أماكن في الوجه يتسبب لمسها أو الضغط عليها بتحفيز واثارة الألم وتسمى هذه المناطق “بنقطة الزناد” .Trigger point
تشخيص هذا النوع من الآلام هو تشخيص اكلينيكي يعتمد بشكل كبير على التاريخ المرضي لأن الفحص السريري عادة لا يوضح علامات مرضية تساعد على التشخيص ، لذا يعتمد التشخيص على خبرة الطبيب المعالج ، وهناك حالات كثيرة يتم تشخيصها على أنها آلام أسنان أو مشاكل في الجيوب الأنفية وقد يتم عمل إجراء علاج للأسنان بدون فائدة مرجوة لتخفيف الألم ، وبعد أن يتم تشخيص ألم العصب الخامس يجب عمل أشعة رنين مغناطيسي لكي يستثنى وجود أي مسببات ثانوية مثل أورام داخل الجمجمة أو ضغط على العصب أو التهابات في الأعصاب ، وايضا يجب اسثناء وجود أي مسببات أخرى مثل التهابات مفصل الفك.
و للعلاج يتم تحويل المريض الى طبيب عيادة الاعصاب وذلك بفحص الاشعة المقطعية والرنين المغناطيسي ، وبعد استبعاد مسببات آلام الوجه مثل آلام اضطربات مفصل الفك والرقبة وكذلك المسببات العضوية لآلام العصب الخامس ، عندها يستطيع المريض البدأ بالعلاج الدوائي لمنع بؤر الالم من ارسال اشارات الى المخ وذلك بأدوية تعمل على تهدئة بؤر الالم وبالتالي تقلل من عدد النوبات ، علما بان هذه الادوية ايضا تستخدم في علاج الصرع ، وأخرى تستخدم لعلاج الاكتئاب ، وثالثة لتنظيم ضربات القلب. كما يمكن استخدام المسكنات المورفونية او غير المورفونية وان كانت غير مفيدة في اغلب الاحيان ، ولذلك يجب توعية المريض بهذه الأدوية وطريقة عملها حتى لا يقلق عند قراءة وصفة الدواء.
أما العلاج الجراحي بواسطة جراحي المخ والاعصاب يكون بعملية جراحية عن طريق الجمجمة لازالة الضغط او الاحتكاك عن جذور العصب الناتج عن ورم ما ، وفي حالة تعذر ازالة الورم وخاصة الخبيث ، اما للصعوبة او الخطورة او لكليهما ، يقوم طبيب علاج الالام بالتدخل بحقن مواد كيميائية كالفينول لتذويب جذر العصب لازالة الالام فقط وليس لعلاج الورم ، اما في حالة الضغط او الاحتكاك بوعاء شرياني او بروز عظمي ، فيتم ازالة الضغط جراحيا ، ولكن هذه العمليات تحتاج الى مراكز طبية متخصصة وخبرة ومهارة فائقة لجراحي المخ ، وكدلك ادخال ابرة خاصة عن طريق جلد الوجه بواسطة تخدير موضعى بدون شق جراحي وعن طريق وصول هذه الابرة الى جذر العصب تستخدم طرق كثيرة لعلاج العصب كحقن مادة كيميائية او عن طريق ادخال بالون ، او بالتبريد او بالحث الكهربائي او بالتردد الحراري او الكهرومغناطيسي. وبالطبع فكل طريقة لها اثارها الايجابية والسلبية.
ولكن احدث علاج الان هو العلاج بالتردد الحراري Radiofrequency Thermocoagulation او الكهرومغناطيسي Pulsed Radioferquency ، وهذا العلاج الحديث يقوم به طبيب علاج الالام والذي له خبره في العلاج بالتداخل اللاجراحي ، فقد اثبتت البحوث الطبية الحديثة والخبرة في هذا المجال فاعلية هذا العلاج ، فيتم تقليل نوبات الالم بنسبة عالية في معظمها وتنعدم في بعضها ولا يحتاج المريض للعلاج الدوائي في اغلب الاحيان بعدها ، ونسبة نجاح تخفيف الالم المزمن بصفة عامة 50% او اكثر ، ويعود المريض لممارسة حياته بشكل طبيعي بنسبة 100% وبدون ألم. تتم هذة الطريقة بادخال ابرة خاصة بمخدر موضعي من جانب الفم عند زاوية الشفاه وذلك تحت الاشعة القوسية او المقطعية او حديثا بمساندة الادخال الكهرومغناطيسى ، وقد يحتاج المريض فقط الى مهدئ ومسكن عام ولكن بدون تخدير عام ، حيث ان ادراك المريض وتعاونه اثناء التداخل يعتبر اساسيا لطبيب علاج الآلا ،. حيث ان الهدف الاساسي هو زيادة التأكد من وصول مقدمة الابرة الى جذر العصب او احد فروعه المراد علاجها وذلك قبل اعطاء شحنات العلاج من التردد الحراري او الكهرومغناطيسي وذلك بالتحفيز الحسي والعضلي ، وبعد الانتهاء من اعطاء العلاج يتم اخراج الابرة ووضع كمادات ثلج على الوجه ، وبعدها يعود المريض الى منزله لمزاولة حياته اليومية ، بالرغم من فعالية العلاج بالتردد الحراري فان له اثارا سلبية كحدوث بعض التنميل او قد يشكو المريض من فقدان بعض الاحساس في الوجه او من احساس غريب يضايقه ولكن لا يستطيع وصفه dysethesia. ولكن بالطبع فهذه الاثار تعتبر بسيطة وعديمة الاهمية اذا وضعنا فاعلية ازالة الالام المزعجة وعدم اللجوء الى الجراحة في كفة ومعاودة المريض الى حياته اليومية الطبيعية في الكفة الاخرى. ولتفادي الاثار السلبية للعلاج الحراري العادي (اذا تم اعتبارها سلبية) تم ظهور تقنية حديثة من التردد الحراري وهو التردد النابض ، ولكنه ما زال في طور اثبات فعاليته. إن العلاج بالتداخل اللاجراحي بوجه عام يمنح المريض فرصة كبيرة لتفادي اثار العمليات الجراحية وبوجه خاص فان فاعلية العلاج بالتردد الحراري قد تم تأكيدها في شفاء معظم المرضى. وعادة لا يتجاوز وقت هذا الإجراء الجراحي أكثر من نصف ساعة وبإمكان المريض أن يعود بعدها الى البيت في نفس اليوم.
ومن الطرق العلاجية ايضا العلاج بالأشعة باستخدام تقنيات مختلفة مثل جامانايف Gammaknife أو سايبرنايف Cyberknife لتسليط أشعة مركزة على العصب وعادة ما يكون التحسن تدريجيا خلال الأسابيع الأولى من العلاج ، وأخيرا تختلف دواعي كل طريقة علاجية باختلاف مسببات آلام العصب الخامس وحالة المريض الصحية. وقانا الله و اياكم شر ألم العصب الخامس و باعد بين نوباته لمن يعانى منه.