قد توجـد هـذه اللويحـات فـي أي مكـان ضمـن المـادة البيـضـاء للمخ والحبل الشوكي إلا أن لها ميـلا للـظـهور فـي أمـاكـن دون غيرها ومن أشهرها المنطقة المحيطة بالبطينات المخية (البُطين هو تجويف داخل المخ) ، و الأعصاب البصرية ، و جذع المخ ، و الجزء العنقي من الحبل الشوكي ، و المخيخ ، ولهـذا المـرض كغيـره من أمـراض المناعة الذاتية فتـرات مـن النـشاط تسمـى بالانـتكاسـات (relapse) يعقبها فترات من الهدوء تسمى بالكُمون (remission) ، و أعراض التصلب المنتشر تختلف من مريض إلى آخر ومن وقت إلى آخر ، و من تلك الأعراض مشاكل في العيون: ازدواجية أو عدم تحكم في حركات العين ضعف الابصار مع الم في العين، عند الحركة ، مشاكل في الكلام ، ضعف جزئى أو كلي لأي عضو ، احساس بالضعف والارهاق الشديد. ، رجفة في اليدين ، الإحساس بالدوار ، فقدان التحكم في التبول أو الاخراج ، خدور وتنميل في الأطراف أو الوجه ، فقدان التوازن أو القدرة على التحكم في الحركات ، أو ثقل في الاطراف عند المشي. هذه الاعراض المبكرة غالباً ما تكون خفيفة وتختفي دون علاج لكن مع مرور الوقت قد تصبح أشد وأكثر ، و قد يتم التشخيص الرئيسي لهذا المرض من خلال صورتـه الاكلينيكيـة (السريـرية) فقـط وعلـى الرغم من ذلك فلا توجد مجموعة أعراض محددة خاصة به . وللمـرض أنمـاط سريريـة محـددة وُضـعت بعـد دراسـة التاريـخ السـابق للمـرض لتـوقع سلـوكه مستقبلا ولتحديد أساليب علاجه لأن المرض غالبا ما يلتزم بالنمط الخاص به. 1- التصلب المتعدد متكرر الانتكاس والكمون:relapsing-remitting M.S ويشكل 80-90% من الحالات,وفيه تحدث الانتكاسة متزامنة مع الأعراض ويعقبها فترة الكمـون التي يتوقـف فيها تطور المرض ويبدأ الجسم مرحلة الإصلاح كليا أو جزئيا. 2-التصلب المتعدد المترقي الاولي:primary progressive M.S ويشكل 10-20% من الحالات, وفيه تحدث الإنتكاسة متزامنة مع الأعراض ثم لا يعقبها فترة الهدوء بل يسـتمر المرض في الترقي تدريجيا, وهذا النوع غالبا ما يأتي للشخص بعد سن الخمسين. 3- التصلب المتعدد المترقي الثانوي:secondary progressive M.S ويبدأ به المرض كالنوع الأول ثم يتحول إلى حالة شبيهة بالنوع الثاني ويستمر بالترقي, وغالبا ما يتم هذا التحـول بعد متوسط 6-10 سنين من المرض. 4- التصلب المتعدد المترقي المنتكس:relapsing-progressive M.S وهو شبيه للنوع المترقي الأولي من حيث أن الأعراض تتطور تدريجيا وبإستمـرار إلا أن الاختـلاف في وجـود فترات من الانتكاس تتخلل مسار المرض حيث تزداد الأعراض بشكل كبير أو تظهر أعراض جديدة. وهناك نوعان اخران وهما: -التصلب المتعدد الحميد(benign M.S): وهو أخف الانماط وأقلها ضررا حيث لا يترك المرض أي أعراض دائمة ، -التصلب المتعدد الخاطف(fulminent M.S): (اقـل مـن 10%) وفيـه تحــدث الانـتـكاسـة ثـم تتدهور حالة المريض بشكل سريع حيث يكون المرض عنيفا جدا منذ البداية وفي اقل من 5 سنين يعاني المريض من إعاقة شديدة.
و الآن دعنا نستعرض أعراض المرض المختلفة مثل: مشاكل بصرية: رؤية غير واضح (ضبابي) ، ازدواجية في الرؤية ، التهاب العصب البصري ، حركات العين السريعة اللا إرادية ، فقدان البصر (نادر جداَ) مشاكل التوازن و تناسق الحركات: فقدان التوازن ، رعاش (رجفان لا إرادي) ، ترنّح (اللا انتظام) في المشي ، دُوار ، عدم التناسق في الحركات (خاصةً في الأطراف) ، ضعف: خاصةً في الساقين عند المشي ، تشنجات عضلية ، تغيرات في طبيعة العضلة (ارتخائها وتقلصها) وتصلب العضلة يمكن أن يؤثر على الحركة والمشي ، تشنجات تغيرات في الحس العصبي: إحساس بالوخز ، تنمل ، إحساس بالحرقان ، يحتمل أن بعض الآلام لها علاقة بالتصلب المتعدد مثل آلام في الوجه (ألم العصب الثلاثي) و آلام في العضلات صعوبات في النطق: النطق البطيء ، التلعثم والنطق بغير وضوح (تتداخل الكلمات والحروف بعضها ببعض) ، اختلاف في اتزان/تواتر النطق ، عسر البلع الإرهاق: إرهاق عام يضعف الجسم ويكون غير متوقع وغير مناسب للنشاط الذي قام به الشخص. يعتبر الإرهاق من أكثر الأعراض شيوعا ومن أكثرها ازعاجا للمريض. مشاكل البول والبراز: من مشاكل البول: الحاجة للتبول بين فترات قصيرة ، الحاجة الفورية للتبول ، عدم تفريغ المثانة كاملا ، التبول اللاإرادي ، من مشاكل البراز: الإمساك ، التفريغ اللاإرادي (نادر) المشاكل الجنسية: العجز الجنسي ، فقدان الإحساس ، الحساسية الزائدة من الحرارة ، هذا العارض عادة يسبب تدهور مؤقت للأعراض. اضطرابات إدراكية وعاطفية: ضعف في الذاكرة المؤقتة ، فقدان القدرة على التركيز أو الحكم الصحيح أو المنطق صحيح أنه لا يوجد علاج شاف تماما للتصلب اللويحي حتى اليوم ، و لكن هذا لا يعنى أبدا أنه لا يوجد تدابير جيدة تخفف من المرض و تعين المريض على أعراضه ، و بخاصة في آخر عشر سنوات بعد توفر الأدوية المعدلة للمناعة. إن تشخيص المرض يتم بالفحص السريري (الإكلينيكي) ، وفحص المجال البصري ، وقياس الجهد الكهربي ، والتشخيص التأكيدي المخبري ، وأخذ خزعة من النخاع الشوكي ، واستخدام أشعة الرنين المغنطيسي MRI. و لكن كيف يمكن اكتشاف هذا المرض في مراحله الاولى؟ قد تمر سنوات عدة من الاعراض الاولى قبل التشخيص الاكيد وذلك لأسباب متعددة منها لاعراض المبكرة للمرض قد تكون خفيفة يحيث لا يلحظها المريض او يستشير الطبيب بسببها ، و أن الامراض الاخرى للجهاز العصبي تتشابه مع اعراض التصلب المنتشر وقد تسبب صعوبة في البداية على التعرف أو تشخيص المرض ، ةو عدم وجود فحوصات مخبرية حالياً تساعد على الكشف عن حامل المرض بصورة اكيدة ، وهناك خاصتان اكلينيكيتان للتأكد من وجود مرض التصلب المنتشر أولهما علامات لاصابة الجهاز العصبي باضطراب الخدور، الشلل غير المعروف السبب مع وجود علامات مرضية سريرية لاصابة مكانين أو اكثر للجهاز العصبي يكتشفها الطبيب عند الفحص ، و ثانيهما الشفاء والانتكاس خلال فترات زمنية قد تطول أو تقصر. ويتأكد الطبيب المعالج من التشخيص بإجراء أشعة الرنين المغناطيسي لفحص السائل النخاعي وتخطيط الاعصاب لكن تشخيص مرض التصلب المنتشر ليس من الضروري ان ينظر اليه بصورة يائسة ، فعلى الرغم من أن هناك مرضى يعانون من تكرار المرض ، لكن القلة يصابون بمضاعفات كبيرة للمرض ، اغلب المرضى يعيشون حياة نشطة رغم الانتكاسة للمرض ويتكيفون مع المرض باتباع اسلوب ايجابي ونظرة ايجابية في حياتهم.
وعلى الرغم من أن اكتشاف المرض تم عام 1870، فإن أول دواء لعلاج المرض تم إنتاجه بعد 120 عاما، أي في عام 1990، وهو «بيتافيرون»، وهو عقار منتج بطرق الهندسة الوراثية من الإنترفيرون الطبيعي (والإنترفيرون عبارة عن بروتين طبيعي موجود في جسم الإنسان يساعد على التغلب على العدوى والأمراض). وقد أظهرت تجربة بيتافيرون أن العلاج يساعد على تقليل عدد الانتكاسات التي يتعرض لها المريض ، و زيادة الوقت بين الانتكاسات أو الهجمات ، و تقليل شدة الهجمات ، و تقليل عدد الإصابات الجديدة التي تظهر في جهاز المسح بالرنين المغناطيسي. و ينقسم العلاج إلى ثلاثة أنواع علاج الهجمة ، و علاج المرض ، و علاج الاختلاطات علاج الهجمة: إذا كانت الهجمة خفيفة الوطأة، وأعراضها محتملة، فقد تستجيب للراحة لمدة يوم أو يومين، مع شرب السوائل الكافية الباردة، و تبريد جو الغرفة، و كثير من المرضى إذا اتبعوا ذلك في بداية الهجمة تتحسن أعراضهم ، فإذا لم ينفع ما سبق، أو كانت الهجمة شديدة الوطأة فيعطى الكورتيزون، وتختلف طريقة إعطائه حسب الطبيب المعالج ، ولكن غالب الأطباء يعطونه لمده 3-5 أيام بالوريد.والكورتيزون يسرع من شفاء الهجمة ، ويخفف من حدتها ، لا يسبب إعطاء الكورتيزون أي مضاعفات ذات بال، كالتي قد تحدث من تعاطي الكورتيزون المديد المزمن. علاج المرض: و هي أدوية تدعى (معدلات المناعة)، وهي تعمل على تغيير في طبيعة التركيب المناعي، وبذلك تخفف من عدد الهجمات، و تخفف من حدتها، وقد تخفف من سوء الآفات في صور الدماغ المغناطيسية، ومن حدة الإعاقة التي قد تحدث من المرض في مراحله المتقدمة ، ويؤخذ واحد من هذه الأدوية على الدوام, وهي كلها متقاربة في التأثير، ولكن بعضها يؤخذ في العضل مرة واحدة كل أ سبوع، و بعضها تحت الجلد عدة مرات في الأسبوع حسب نوع الدواء ، و عموما ليس لهذه الأدوية من مشكلات، ولكن قد يشعر المريض بعد الحقن بأعراض مشابهة لأعراض الزكام من حرارة وتعب ، ويعالج ذلك عادة بإعطاء دواء مثل البندول قبل الحقن ، تعطى هذه الأدوية عادة في النوع الانتيابي (الناكسالهادىء) ، و لا تعطى الأدوية المعدلة للمناعة خلال الحمل والإرضاع. الأدوية المستخدمة في علاج المرض ريبيف: (Rebif® = Interferon beta 1a)بيتاسيرون: (Betaseron® = Interferon beta 1b) أفونكس: (Avonex® = Interferon beta 1a) نوفانترون: (Novantrone® = Mitoxantron) تايسابري: (Tysabri® = Natalizumab) . علاجات أخرى: قد تستخدم الأدوية المثبطة للمناعة مثل دواء أزاثيوبرين (azathioprine) , سايكلوفوسفامايد (cyclophosphamide) , لكن بعض الأبحاث شككت في أن يكون لها أي دور في علاج مرض التصلب المتعدد ، و إستخـدام دواء أسيتـات جلاتيـراميـر ( glatiramer acetate) قـد يكون له فائدة في تقليص عدد مرات الانتكاس ، و إستـخـدام دواء ناتـاليـزوماب (natalizumab ) ولكن يجب التشديد على أن المريض يجب أن يتبنى عادات صحية سليـمة مثل الغذاء المتـوازن والاقلاع عن التدخين وممارسه الرياضات الخفيفة كالسباحة والمشي متى أمكن ذلك. و هناك الكثير مما يمكن عمله لتخفيف تأثير مرض التصلب المنتشر على المرضى لإبقائهم على درجة عالية من الحيوية والاستقلالية والراحة. وفي هذا السياق يجب ألا ننسى على ضرورة تذكير المريـض وأسرتـه بأن هذا المـرض يختلف فـي شدته من مريـض لأخر بشكل كبيـر , فهناك مـن المرضى مـَن تمكن مـن التعايش مـع المرض حتـى النهايـة ونَعِم بحياة منتجـة بقليـل مـن الإعـاقة, وعلى الجانب الاخر فهناك أيضا بعض المرضى الذين أصيبوا بإعاقة شبه كاملة وخصوصا هؤلاء الذين جاءهم المرض في سن كبيرة(بعد الاربعين)و أظهرت صور الرنين عندهم الكثير من اللويحات المتصلبة في أول 5 سنين للمرض. و قد أظهرت إحدى الدراسات أن خطر الانتحار بين مرضى التصلب المتعدد للألياف العصبية يزيد بـ5.7 مرة عن باقي أفراد المجتمع. في حالات التصلب المتعدد الانتكاسي المتردد غير المعالج ، يكون متوسط الزمن الذي يمر حتى يكون المصاب في احتياج لاستخدام كرسي متحرك، هو 20 عاما. ومع وجود نوع المرض الذي يتطور سريعا من البداية يصل متوسط الوقت المطلوب حتى استخدام الكرسي المتحرك من 6 ـ 7 سنوات من بداية تشخيص المرض. الأمل معقود على التطورات الحديثة فى طرق التشخيص و العلاجات الجديدة فقد أصبح العلاج الان عن طريق أقراص تؤخد بالفم يوميا بعد أن كانت العلاجات كلها مقصورة على الحقن ، و ظهور الجمعيات الطبية التى تعتنى بمرضى التصلب المنتشر ساعدت على التوعية بالمرض و أسبابه و كيفية التعايش معه. تضخ الشركات الكبرى مبالغ طائلة فى الأبحاث القائمة على هدا المرض لتسابق الوقت فى ايجاد العلاج الأمثل لكل حالة و بالتالى تنشد الى رفاهية المرضى و تحسين نشاطهم اليومى.